رسالة ترحيب

مرحبا بكم في مدونتي الخاصة، شكرا لكم على الزيارة.

الأحد، مارس 18، 2012

أي يوم عالمي لأي امرأة فخامة رئيس الحكومة؟

بداية لابد من الإشارة إلى أن الاحتفال بعيد المرأة والاعتراف بها وبما تقدمه لا يكون في يوم واحد من السنة، بل يكون طيلة أيامها، وذلك بحكم أنها هي الأم والجدة والأخت والصديقة التي تعيش فينا كل يوم وطوال العمر.
الرباط ـ لاشك أن المرأة على مر التاريخ احتلت ولازالت تحتل مكانة مهمة في كل مجتمع من المجتمعات الإنسانية، باعتبارها النصف الثاني الذي لا يمكن التخلي عنه. فرغم الحيف الذي طالها ويطالها إلا أن المرأة المغربية الشريفة لازالت تكافح لتُخرج نفسها بنفسها من بوثقة الاستعباد والتملك من طرف الرجل، باعتبارها الجسد الذي يغذي شهواته ونزواته، والآلة المشيئة من قبله. بعيدا عن كل الصور السيئة والنماذج الغير المشرفة، التي لا تمت بصلة لحقيقة المرأة المغربية، المقاومة والمكافحة والمناضلة إلى جانب الرجل، باعتبارها نموذجا عالميا استطاعت أن ترد الاعتبار لنفسها، وأن تُسكت الأفواه التي تحاول أن تروج لنظرة دونية ذات الرؤية الأحادية الضيقة الملوثة برؤية مكبوثة.
وبناء على هذا، ولجت المرأة مجموعة من الميادين والتخصصات، فصارت تنافس الرجل إن لم  نقل تفقه في أحايين كثيرة، كيف لا ؟ وهي التي تعلمت ودرست بجد وتفان فحصلت على مراتب وشواهد عليا.
للأسف، وعوض أن تكافأ على مثابرتها ومجهوداتها  العلمية، نجد أنها لا زالت تعيش وتكابد التهميش رغم المكاسب التي حققتها سابقا من طرف الدولة المغربية ولم يتم تقديرها بالشكل الذي ينبغي.
حيف تعاني منه المرأة المغربية، رغم الشعارات الرنانة التي رفعت ولازالت ترفع، فالمرأة التي تشكل أكثر من نصف المجتمع نجده انه تقابله إمرأة واحدة في حكومة الواحد والثلاثين وزيرا، أليس هذا الظلم بعينه؟
السؤال الذي يطرح نفسه، هل فعلا نحن أمام حكومة تحترم المرأة وتثق في إمكانياتها؟ هل نحن فعلا أمام حكومة تنظر للمرأة نظرة حداثية، وككفاءة  قادرة على الإضافة، أم أننا أمام نظرة كلاسيكية، تحمل في طياتها الكثير من الدلالات والمعاني، بحيث لا يجب أن تتجاوز  فيها المرأة حدودا رسمت لها لأهداف وأغراض معينة؟
وعلى أرض الواقع بعيدا عن المطابخ الإعلامية، والمهرجانات السياسية والحزبوية، والمزايدات التي بتنا نعرف أبعادها السياسوية  نجدها تتعرض لأبشع أنواع التعنيف والتحقير. ولا نقول هذا كيدا وبهتانا على “الحكومة الملتحية” التي لم تتجاوز الثلاثة أشهر، وإنما نقوله بناء على معطيات نكابدها  ونعايشها في واقعنا اليومي.
فكم هو مخجل أن تتعرض المرأة المغربية المناضلة، وأمام مرأى الجميع، للضرب والتعنيف أمام وزارة العدل والحريات في وقفة سلمية ورمزية تضامنية،من طرف قوات القمع التي باتت تدخلاتها ضد المعطلين أكثر خطورة، ودون أية وازع أخلاقي أو رادع قانوني، من طرف حفنة من أفراد مدججين بالهروات ومسيَّريين بأجهزة التولكي وولكي، في استعداد تام مستعدة للتنكيل بمن صدرت الأوامر ضدهم. فعوض أن تتم الإشادة بالتقدم الذي باتت تعرفه المرأة المغربية وتواجدها إلى جانب الرجل في شتى الميادين، يتم  تهشيم عظامها، وإنزال الهراوات على رأسها، لا بل يتعدى الأمر في أحيان كثيرة الضرب والجرح، إلى الاعتقال والمتابعة بتهم واهية وملفقة، حيث كاد الأمر أن يتحول إلى ما هو أسوء لولا تدخل فعاليات حقوقية من المجتمع المدني على الخط. كل ذلك -في نظر حكومة بنكيران- من أجل استرجاع هبة الدولة حسب زعمه.
نقول للسيد بن كيران: هبة الدولة واحترامها يتجلى في تطهير دواليب الدولة من المفسدين ومرتزقة اقتصاد الريع، ومن الرشوة والاحتكار، هبة الدولة تتجلى في انخفاض نسبة الجريمة التي باتت تهدد المواطنين في عقر ديارهم. هبة الدولة تتجلى في احترام حقوق الإنسان والمساواة أمام القانون.
استمر مسلسل إذلال المرأة المغربية وهذه المرة مع قمع جديد تعرضت له أمام قبة البرلمان دون أية شفقة ولا رحمة، أثناء وقفة لها إلى جانب موظفي الجماعات المحلية، مما أدى إلى وقوع العديد من الّإصابات والإغماءات، وكسور مختلفة. وفي نفس اليوم، تعرضت العديد من النسوة اللواتي ينتمين إلى سلك التدريس، لأشد أنواع التنكيل القمعي، حيث أهينت إمرأة التعليم ولم تحترم باعتبارها مربية الأجيال، وركيزة مهمة من ركائز هذا البلد. شُتمت، وسُبَّت ووصفت بأقذع النعوت رغم أنها فقط عبرت عن رأييها وطالبت بحقوقها بطريقة مشروعة وبشكل سلمي وحضاري. ومما زاد الطين بلة، هو أن من بين النسوة اللائي تعرضن للضرب من تجاوز عمرهن الخمسين سنة، أي منهن من أفنت زهرة شبابها في خدمة الوطن وتربية الأجيال، وكأن جهاز “السيمي” القمعي، ينتقم دون أي رادع وضوابط، الأمر الذي خلف كسورا على أنحاء مختلفة من الجسم لإمرأة التعليم المغربي مربية الأجيال.
جاءت حكومة بنكيران لتأتي على الأخضر واليابس، وتخرق المواثيق والقوانين الدولية المتعارف عليها والتي تضمن للمرأة حرية الاحتجاج والتظاهر. ولابأس- ونحن نتحدث عن بعض نماذج  إذلال حكو مة بنكيران للمرأة المغربية- أن نشير إلى نموذج المرأة المعطلة التي لم تسلم من المقاربة الأمنية، وسياسة الآذان الصماء اتجاه المطالب التي ترفعها، فكانت الحصيلة ثقيلة جدا، بحيث وفي غضون شهرين تقريبا وبدون مبالغة، تم إصابة العشرات من المعطلات في أجسادهن النحيفة والمثقلة بهموم العطالة، دون أن ننسى الترهيب النفسي والجسدي الذي مورس علي المرأة المعطلة في “معتصم الأمانة العامة” الذي تحول إلى “محتجز” وتمت مصادرة كل حواسبهم وهواتفهم النقالة، دون أخذ بعين الإعتبار وضعيتهم المادية ومعاناتهم مع آفة العطالة.
هذا ولا ننس المعاناة النفسية والمادية التي ترافقها مسبقا، وكلها أمل في تحقيق المبتغى وضمان وظيفة عمومية تترجم مجهود سنوات من الدراسة للحصول على شهادة عليا. لتتمكن من إسعاد من يرون فيها الأمل للخروج من الحياة البئيسة، وإسعاد أسرتها، ونقصد هنا بالضبط  الوالدين والعائلة وكل الأفواه والحناجر الصغيرة، على اعتبار أن غالبية هؤلاء النسوة المعطلات ينحدرن من عائلات فقيرة تستطيع بالكاد ضمان قوت يومها فبالأحرى إعالة معطلة راشدة ودعمها ماديا كل شهر.
أمام هذا الوضع المتأزم نجد المرأة المعطلة تكافح وتناضل، متشبثة بالأمل رغم كل العراقيل والصعوبات، تطالب بضرورة تحقيق مطالبها، وتدعو لحوار جاد ومسؤول جنبا إلى جنب مع شقيقها المناضل”الإطار المعطل”.
إن الخطير في الأمر هو أن هذا الاستهداف والعنف المخزني ضد العنصر النسوي قد ارتفع بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، وبلغت ذروته حدا لايطاق، الشيء الذي دفع الأطر العليا المعطلة إلى دق ناقوس الخطر من أجل التنبيه إلى الأمر. خاصة بعد أن تعرضت العديد من المناضلات للاعتقال والتحقيق الذي لا يخلو  من شتى أنواع الترهيب النفسي والجسدي والإهانة. ولعل النموذج الأول الذي نقدمه هو نموذج المعطلة زوجة المرحوم عبد الوهاب زيدون التي كانت إحدى المتضررات من سياسة الحكومة الحالية. ذلك أن منع الأكل والدواء عنه ورفاقه وإحكام الحصار كان سببا مباشرا في ترميلها كمعطلة وهي زوجة إطار معطل بدوره، وحرق قلبها وهي في ريعان شبابها.
 النموذج الثاني فهو نموذج المناضلة هجر لبصير التي اعتقلت لحوالي ثمانية وأربعين ساعة في ظروف أقل ما يقال عنها غير إنسانية بالبتّة، حيث روت لنا بمرارة بعد أن تم إطلاق صراحها، كيف أنه مورس عليها ضغط من أجل التوقيع على “محضر مزور”.
أما النموذج الثالث، فهو نموذج الإطار سناء الكعموري التي أصيبت بكسر على مستوى الذراع، وذلك نتيجة قمع أحد الاحتجاجات السلمية التي نظمت الثلاثاء المنصرم،يوم 6 مارس 2012  على بعد يومين من اليوم العالمي للمرأة.
وبذلك، اختار رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران،عند حديثه على الحزم الأمني، الاحتفال بالعنصر النسوي بطريقته الخاصة، فهشمت عظام نسوة معطلات، وأصبت أخريات بعاهات مستديمة تضم القائمة العشرات منهم. ويأتي كل هذا عشية الاحتفال باليوم العالمي للمرأة!
يدفعني هذ الواقع الحقوقي المرير، و بعيدا عن الديماغوجية والخطابات الشعبوية التي لاتسمن ولا تغني من جوع، إلى التساؤل: أي يوم عالمي لأي امرأة مغربية يا سيادة رئيس الحكومة؟ أو بهل من جديد؟
جمال الفقير

ليست هناك تعليقات: