رسالة ترحيب

مرحبا بكم في مدونتي الخاصة، شكرا لكم على الزيارة.

الخميس، سبتمبر 25، 2014

عودة الروح 2 "رغيفي و النادل."


اخترت لنفسي لحظة استمتاع وتناس مصطنعين لحالتي النشاز- على الأقل من وجهة نظري- في ذلك اليوم الذي استجممت فيه على شاطئ بحر المضيق الهادئ...

تظاهرت بكوني مثلهم أتقن السباحة والغناء والرقص رغما عني، حيث إن وضعي لم يسمح لي بالتبرم من أشياء أمقثها في ظل سياق زمكاني معين. لكن سرعان ما اتسعت هوة التغريب بيني وبين الفضاء الذي أنا به وغلب الطبع على التطبع، فاخترت لنفسي عزلة تقيني من ترهات التصنع في الفرح والاستمتاع والاسترخاء والتبرجز...

عدت إلى المنزل، اغتسلت وارتديت ملابسي التي اعتقدت لوهلة أنها جديدة، ثم اتجهت مسرعا لأكمل عزلتي، كان الجوع والإرهاق قد أخذا مني الشيء الكثير، لذلك آثرت أن أشتري شيئا آكله بالتزامن مع شرب شاي أو قهوة في مقهى محترم.

خلت أنني بأحد المقاهي الشعبية للقنيطرة، ونسيت أنني في "المضيق" الذي يحج إليه المتبرجزون من كل حدب وصوب ليجلسوا في مقاهيه التي تقع أمام شاطئه الجميل. المهم أنني اشتريت ثلاثة دراهم من الرغيف لأقتل بها جوعي وأنا أتأمل أمواج البحر.

كنت سأكون سعيدا لو قلت لكم أنه كان لي ما أردت إلا أن واقع الحال من المحال، حيث بمجرد ما رمق النادل رغيفي حتى عبر اشمئزاز ه وعدم رضاه، ورفض أن يجلب لي شايا أو قهوة بكل قسوة، بدعوى أن الرغيف لا يناسب المكان ويحط من قدره وقيمته، هي الأوامر كما أعطيت حسب الناذل.

نهضت من على الكرسي على مضض و ابتسامة خفيفة تعلوني سببها أنني أعرف أنني نشاز ولو لم أكن نشازا ما كنت لأتلقى الضرب والجرح والإهانات والعبارات الحاطة من الكرامة في شوارع الرباط.

قصدت مقهى آخر اسمه " لاس بالماس" ولعلمكم هو أكثر جمالا ورونقا من الآخر، غير أنني هذه المرة اتخذت الاحتياطات اللازمة، حيث قمت بإخفاء الرغيف وطلبت قهوة، ثم أخذت آكل جزءا جزءا وطرفا طرفا بنشوة وإحساس بالانتصار لأنني حققت ما عجزت تحقيقه في المقهى الأول.

بعد ساعة - الوقت المحدد للجلوس في المقهى- قمت بجولة بالقرب من البحر، رأيت أناسا فرحين ومرتاحيين فتساءلت هل هم فعلا فرحين أم أنهم يتصنعون ذلك؟

استنتجت خلال ذلك اليوم الممتع المتعب أن أي مدينة مغربية قد تكون أجمل مدينة في المغرب إن أريد لها أن تكون على الأقل من ناحية النظافة والعناية والجمال. كما استنتجت أنه بقدر جمال المكان بقدر رقي مرتاديه المادي، وإن حصل وارتاده بسطاء ماديا متصنعين مثلي فإنهم سيعتبرون نشازا لا يقاس عليهم وسينكشفون مع أول امتحان حصل معهم كما حصل مع النادل.

25-09-2014جمال الفقير.