رسالة ترحيب

مرحبا بكم في مدونتي الخاصة، شكرا لكم على الزيارة.

الجمعة، مارس 11، 2016

راديكاليون فقدوا البوصلة...!!!


تحول إلى إصلاحي، وسمح لنفسه بأن يُخَوِّن المعارضين ، ويصفهم بأبشع الأوصاف وينعتهم بأرذل ما هو موجود، فنسي أنه في يوم من الأيام كان منتميا لهم أو تخرَّج من مدرستهم العتيدة التي أوصلته إلى ما هو عليه.
يصف رفاقه بالراديكالين العدميين والعبثيين الذين يعيثون في الأرض فسادا:
خوفا على كرسيه أو منصبه الذي تفاوض من أجله عندما قدَّم أصدقاؤه الرفاق أجسادهم قربانا للتغيير.
خوفا على نجوميته التي اكتسبها من سرد تاريخه المَغشوش على صفحات التويتر والفايسبوك وبعض الجرائد المدفوعة.
خوفا على نفسه من السقوط في برك الفضائح التي أغرقت الكثيرين..
يصفهم بالأصوليين المتزمتين والطوباويين الذين يعيشون في الظلام، لا إيمانا منه وتبصرا، وإنما :
خوفا من غضب ذلك الذي منحه السيارة والفيلا والرصيد البنكي، عوض الزنزانة الباردة. التي ذاقوها هم إيمانا.
خوفا من أن يؤتى له بصورة لوجهه وهو حليق الذقن يحتسي الخمرة ويرتشف السيجار، منتش يلامس الفتيات في أوضاع خليعة..
سيأتي ذلك المناضل -سابقا - إلى مجمع للثوار الغاضبين راكبا سيارته رباعية الدفع، محاضرا بأنه كان هنا ذات مرة، فاقتنع -بقدرة قادر- بأن تغيير الحال هو من المحال، بأن الله هو المغير للأحوال...
سيعود إلى صندوق سيارته مقاطعا المجمع، ليشرب كأسا من النبيذ، ثم يتناول بعد ذلك سجادته فيؤمّ الناس حاملا لواء الشيوعية.
سيقرأ ما تيسر من ماركس ولينين، وقد يعطي الأمثال بابن حنبل وابن الجوزية وابن سيرين، وسيعرج على تروتسكي والآخرين.
تغيير الحال من المحال هكذا سيقول،
بعد أن يدركه يوم الجمعة سيلبس جلبابه الأبيض وطربوشه الأحمر ويقف إلى جانب حاكمه ندا للند، وهو "يتفوه "من شدة النوم نتيجة سهرته الماجنة أمس.
سيرفع أكف الذراعة والدعاء.
سيطلب الرحمة والغفران.
سيدعو للمسلمين في كل بقاع العالم،
وسيدعو ضد الكفار والعبثيين والنصارى واليهود والملحدين والظالمين.
بعد انتهاء وقت الصلاة، سيصحب أهله وأصحابه القدامى المتمركسين في اتجاه أفخم الفنادق وأمتعها. سيطلب غداء نصرانيا في أواني يهودية.
سيبدّل رنين السماع والمديح التي ترسخت طيلة الصباح بموسيقى الكامنجات الساخبة التي تتماشى و حماسة المكان.
سيبدّل "التسبيحات" والتحميد والتهليل والتكبير" بعبارات الأنا والنحن الرافعة من الشأن والمقام....
تلكم العاهرة التي تحاضر في الشرف..
جمال الفقير

الجمعة، فبراير 19، 2016

حقيقةٌ كامنةٌ في باطنِ عقلِ كل واحدٍ فينَا..

لاَ ضَيْرَ مَِنَ الاعْتِرَافِ أَنَّنَا ...

نجري عكسَ تيار الحقيقةِ..

حقيقةٌ كامنةٌ في باطنِ عقلِ كل واحدٍ فينَا..

حقيقةٌ تُخبرنا بقيمتنا الحقيقية وبوزننا الحقيقي..

حقيقةٌ تُصَارِحُنَا بما نملك وبما لا نملك ...

حقيقةٌ تَجْلِدُنَا بما هو سلبي فينا لِحدِّ أنها تُدْمينا..

حقيقةٌ تَدْعُونَا للاحتفالِ، بما هو إيجابي فينَا من غير مبالغةٍ..

حقيقةٌ تُوصل إلى بَرِّ أمانٍ مُحْتَمَلٍ (وصولٌ معنويٌّ عَلَى الأَرَجَحِ )..

حقيقةٌ طريقها صعبةٌ...

حقيقةٌ لاَ يسلكها إلا من تَشَرَّبَ خريطةَ طَرِيقٍ مذفونة في باطنِ أوراقٍ..

أَورَاقٌ مِدَادُهَا كلماتٌ مفاتيح تُؤْمِنُ بالنظرية معَ التطبيق..

حقيقةٌ تُقَدِّسُ أفعالاً وتُجِلُّها مادامتْ ترجمةً لأقوالَ مأثورةٍ..

حقيقةٌ تَجْعَلُ من يسلكها يُؤْمِنُ أنَّ لا حياةَ دون إرادة عيش، ولا عيش دون امتلاك إرادة..

حقيقةٌ يذوب فيها كل فردٍ، فيقترح نفسَه عضو جماعةٍ تشترك في المَعْنَى...
جمال الفقير..

الخميس، فبراير 18، 2016

وَمْنِينْ نَبْدَى نَجَّانْ الزَّرْبِيَهْ؟

وَمْنِينْ نَبْدَى نَجَّانْ الزَّرْبِيَهْ؟
واش غِي اللِّي يَبْغِي يْنَجّ،
يَجْمَعْ اكْباَلْ خيُوط ْويْقُولْ هَاكْ أَرَى لِيَّ.
لْوَانْ لخيُوط بَاهْثَهْ،
وجُوقْ العَمْيِين يْصَفَّقْ .
أَلفْ هنِيَّهْ وَهْنِيَّهْ؟
واشْ المَنْجَجْ رخيصْ؟
وَلاّ خَشْبُو ؟
الصَنْعَهْ !!!
مَا هِي سَبْنِيَّهْ مَكْعورَهْ..
ما هِي زَرْبِيَّه مَغْشُوشَه..
الصّنْعَهْ رُوحْ فْ ذَاتْ كُلّ صَانَعْ منْقوشهْ.
لخْيُوطْ اللِّي مَا تْعَذِّبْ مًّالِيهَا مَا هِي خْيُوطْ ..
هَاكْ أَرَى عَاوِدْ ثَانِي لّعْيُوطْ..
وَاشْ غِي اللِّي جَا طُوطْ طُوطْ نْزَغَرْتُو لِيهْ..؟
نضَرْبُو لِيهْ طّرْ فْ طِّر، وَنْقُولُو رَاكْ فنَّانْ..
جمال الفقير

نِعْمَ الصّديق أنتَ أيّها البحر..

نِعْمَ الصّديق أنتَ أيّها البحر..

لو كنتَ خائناَ أيّها البحرُ، لاعترفتَ بالكثيرِ مِنْ زَلاَّتِي وَأَخْطَائِي.

اعترافاتي التي بُحْتُ لَكَ بِهَا، هي عن طواعية.

نِعْمَ الصَّديق والمُشْتَهَى أنْتَ أيّها البحرُ..

كَمْ مرَّة جِئْتُ إِليكَ شَاكِياً..

حَزِيناً، شارداَ ..

فَأَعَدْتنِي أنْتَ إِلَى رُشْدِي..

حِكْمَتُكَ،

صَمْتُكَ،

إنْصًاتُكَ الجيّد،

كلُّ ذَلِكَ غَلَبَ غَضَبِي..

مَحَوْت حُزْني الذِي تَحْكِيه عيْناي، قَبْلَ أن تَنْبُسَ بِهِ شَفَتَاي..

كَمْ مَرة شَنَّفَتْني مُوسِيقَى أَمْوَاجِكَ، بعدَ أن ضَجرْتُ مِن ضَجِيجِ الوَسَاوِس..

أنْتَ المُشْتَهَى أيّها البحرُ...

نِعْمَ الصَّديق أنْتَ أيّها البحرُ.. ..

جمال الفقير

السبت، أبريل 25، 2015

بحثاََ عن الصَّفاءِِ...بحثاََ عن الصَّفاءِِ..




يَحْدُث أنْ تسهرَ الليالي بحثاََ عن لحظاتِ صَفاءِِ أو حوارِِ هادئِِ مع الليْلِ الذي يُحسنُ الإنصاتَ والانتباه لكل حرْفِِ تنبس به شفتاكَ، عكس الآخرين الذين لا طائلَ لهم غير الثرثرة والنصائح ذات الغطاءين التي لا تنتهي..

يحدث أن تنقلِب حياتكَ (كِ) رأسا على عقبِِ لمجرَّد خطأِِ لم تقترفه يداك..

يحدث أن تضيع في غيابات الذاكرة المؤدّية إلى تاريخ اللاعودة في غفلةِِ منكَ..

يحدثُ أن تقْتُل في النّاس الإحساس بالعاطفةِ والشعور النبيل لزلّاتكَ ( كِ) المتكرّرة التي لا تنتهي..

يحدث أن تجعَلَ الناسَ تقدم على هجرِكَ ( كِ) والنّفور لمجرَّد سوء فهمِِ أو خلَلِِ في قانون الحياة الصّعب..

يحْدثُ أن تطلّقَ ( قِ) الدنيا طلاقا ثلاثا لمجرّد قراءَة كتاب عن الدِّين والعقاب، ولو أن لا صحّة ولاَ شرف في معناه ولا جزالة في لفظه..

يحْدثُ أن تُفضِّلَ ( لِ) العيشَ في ثوران لمجرَّد أنكَ ( كِ) قرأت كتابا أحمَرَ لم تَفهمْ ( مِ) منه غير عنوان الثورة..

يَحْدُثُ أن تُرغم على فعل أشياء لا تؤْمِنُ بها لمجرَّدِ أنك وعدتَ نَفسَكَ ألَّا تقْضِي علَى أمَل من يرَوا في كلامكَ أملا..

يحْدثُ لكَ (كِ) أن تَبيعَ الوهمَ للآخرينَ كيْ يعيشوا على إيقاع فسحة الأملْ التي طلَّقتها أنت منذ مدّةِِ ليسَتْ بالهيّنة..

يَحْدُثُ أنْ تناديَ بأعلى صوتكَ ( كِ) داخليََّا في الأعماقِ ومنَ الأعماقِ، دونَ أنْ يسمعك الآخرونَ أو يعيروكَ انتباها..

يَحدُثُ أنْ تعُدَّ أيَّام عمركَ الحَزينة التي لا تحصى، دون أنْ يكون لأيَّامِ السَّعادةِ نصيبُُ فيها..

يَحْدُثُ أنْ تُفضِّلَ النّومَ باكِرا بحْثاََ عن حلُمِِ جميلِِ يقيكَ من كوابيسِ الواقعِ التي لا تنتهي..

يحْدُثُ أن يكون لكَ ( كِ) طعامُُ، فتَتَظاهرُ بعدم الجوعِ أمام ضيفك إكراماََ لهُ وحفاظا على ماءِ الوجهِ لقِلّته. بالمقابلِ تهرعُ إلى أكلِ البقايا بنهم بمجرَّد أن يغادرَ إلى حال سبيله..

يحْدثُ أن يَلْفظَكَ (كِ) النَّاس لمجرَّد أنكَ ركبْت قطاراََ غيرَ الذي ركِبوا فيه، وتناولْتَ رغيفا ليسَ لهم فيه أي نصيبِِ..

جمال الفقير

الاثنين، سبتمبر 29، 2014

عودة الروح4. الـــرحـــــيل/ حياة ظالمة. فما أصعب الرحيل.

عودة الروح4. ج.ف.
الـــرحـــــيل/ حياة ظالمة. فما أصعب الرحيل.
الحياة دائما صعبة فيها امتحانات عدة، من أبرزها فقدان أو رحيل أشخاص كانت تربطهم بك علاقات متميزة يصعب نسيانها أو تجاوزها، إذ لا تتوانى الذاكرة في استرجاع كل اللحظات الجميلة أو حتى العصيبة التي جمعتك بهم. المهم هو أن هذه الذكريات تظل راسخة في الذهن ولا يمكن إزالتها.
بمجرد ما إن تحل فترة من الفترات التي كنت تقضيها معهم بشكل مشترك ، حتى تتقلب المواجيع تتقاذفك الآهات، وينتابك الحزن والتحسر والشجن على ما فات وما آل إليه الوضع.
أجزم صادقا أن الأشخاص المهمين بالنسبة لك لا يمكن نسيانهم أو تناسيهم عندما تحل المناسبات الكبرى التي كانت تجمعك بهم، خاصة إن كانوا أصولا في سلسلة الانتماء الحياتية عندك.
تتذكر، وترقب الأطلال، يصيبك كدر ما إن يظهر طيفهم أمامك بشكل عفوي آلي سببه الفراغ الذي خلفه رحيلهم عنك سواء تعلق الأمر بأولئك الذين غادروك إلى العالم الآخر الصافي الذي قيل عنه إنه عالم طهر ونقاء أم أولئك الذين غادروك إلى جانب آخر من جوانب العالم الدنيوي الذي قيل عنه إنه مدنس مليء بأنواع القذارة.
غياب وافتقاد وفراغ من الصعب أن يمحوه الزمن أو يعوضه، يؤدي ضمنيا إلى شيخوخة ومشيب معنوي رمزي يخرق منطق التقدم في العمر مادام أن الروح تصير عجوزا، غير قادرة على عيش حياة يلفها التوازن، ليس لأنها تظل تبكي على الأطلال وغارقة في ماض أليم سسبه حزن رحيل أحدهم من المفروض تقبله مادام أنه سنة الحياة، بل لأن رحيل الفجأة يسبب كدمات وجروحا لا تندمل أو تزول مهما مرت السنين.
الرحيل (المفاجئ) يسهم لا محالة في تغيير حيوات العديد منهم، كما يسهم في تغير أحلامهم ومتمنياتهم التي في الغالب كانت ترتكز على ذلك الذي رحل من دون سابق إنذار قبل حتى أن يودعك ويلقي السلام الأخير، ليودعك بكلمات معدودة أو بعينين مترهلتين مع صمت مهيب.
أن تحس بأن الحياة نفسها خانتك أو غدرت بك بشكل رمزي وعنوي فتلكم أكبر وأهول الخيانات وأكثرها تأثيرا، لأنه ستصبح مضطرا تعيش مع من خانك وغدر بك، وهو أمر لا يطاق، لا يهضم.
رغم ذلك فالنفس يعود، من بوابة سلسلة اسمها عودة الروح.
29-09-2014
الفقير جمال

الجمعة، سبتمبر 26، 2014

عودة الروح 3 الطريق نحو " عين مخيارة" بنواحي تطوان


في عشية ذلك اليوم بينما أنا أستعد للذهاب إلى البحر مخلصا عزلتي سمعت مناداة من أحد أقربائي يدعوني فيها إلى الذهاب معه صوب نواحي مدينة تطوان، وبالضبط صوب إحدى العيون التي لا ينضب ماؤها. أعجبت بالفكرة رغبة في تغيير الأجواء بعد أن مللت الذهاب للبحر، ومنه للمكان خاص جدا أرقب فيه الناس وهي تتملى بطلعات من تعتبرها نجوما تطربها أغان وتقضي معها ليال ساخبة.
ونحن في الطريق المعلوم وجدنا أنفسنا أمام زحمة المرور، حيث قيل والله أعلم إن ملك البلاد سيمر من هنا، وبعد طول معاناة تمكنا أخيرا من اختيار طريق آخر غير ذلك الذي يعج بالشرطة والمخبرين على ما يبدو كإجراء روتيني.
هالني الأمر، إذ كلما طال بنا المسير على متن السيارة كلما أصبحت المسالك وعرة وكأننا في طلوع عمودي نحو السماء. تحول الانبساط شيئما إلى علو ووجدنا أنفسنا بين جبال تشع اخضرارا، تعيش في صمت وهدوء. تقف أشجارها في شموخ وعزة وإباء رغم ما تعانيه من عدم اكثرات الزائرين بها وتفضيلهم أجواء البحر وأمواجه المتلاطمة عليها.
هنا في هذا تعري الطبيعة عن مفاتنها، متحدية الحيف الذي يطالها، وكأنها تريد أن تقول أنا هنا، أنا الأصل أنا مدينة تطوان الحقيقية ، وليست تلك التي صنعتموها أنتم.
المكان جميل حقا، جمالا روحيا ومعنويا، طبيعيا لا تصنع فيه كما في التحت هناك قرب الكورنيش. انتابني خوف ممزوج بانبهار كبير بعد أن وجدت نفسي بين جبلين عظيمين، يخبئ الأول منجما كبيرا للإسمنت (لافارج) قيل والله أعلم إنه يلوث دشر اولاد عمران بعيد عن المدينة وآخر يضم بين فججه مروحيات هوائية كبيرة أعطت رونقا خاصا.
كدنا أن نهلك في حادث مع إحدى السيارات، والتي لم يكن مالكها سوى " نايب الدوار" الذي يعمل هو الآخر على تهريب السلع مثله مثل الكثيرين هنا بجماعة "الصدينة" العالم المصغر الذي يخفي الكثير هنا والكثير بعزلته وطبيعة عيش سكانه بالمقارنة مع ما يجري تحت في العالم السفلي. نزل " النايب " من على سيارته، رحب بنا بطرقته الخاصة، ثم عاد معنا ليرينا تلك العين التي لا ينضب ماؤها، والتي بدأت تنسج عن الأساطير.
على مشارف وصولنا صادفنا العديد من المناظر والأماكن، بل منازل بعينها بنيت فوق حجر يبدو أنه مهدد في أي لحظة بالتفتت والسقوط. يدرك الناس هنا أنهم يعيشون هدوءا وعزلة غريبين وقل نظيرهما، لذلك ما إن يقترب منهم غرباء عن المنطقة حتى يدركوا أنهم دخلاء من الوهلة الأولى، فيهرعون إليك، وينتظرون أسئلتك ليجيبوا عنها بكل بساطة وتلقائية لا توجد في ذلك العالم السفلي لتطوان والمضيق والفنيدق، حيث أناسها هناك لا يعيرون للدخيل كما يسمونه أي اهتمام يذكر.
مباشرة بعد الوصول تجمع حولنا الأطفال ذكورا وإناثا يسلمون علينا ويرحبون بنا ببراءة، تبدو عليهم ملامح البساطة وربما الفقر، وتبدو عليهم عزلة نفسية بقدر عزلة المكان. فهمت فيما بعد أن سبب تجمعهم وتسابقهم حولنا كان غرضه تبيان أنهم في خدمتنا ليسعدونا على أن نسقي من العين التي لا ينضب ماؤها.
قصدنا العين وبدأنا نملأ القارورات و" البيدوات" بالماء، غير أنه بمجرد ما وطئت قدماي الماء الذي يجري من تحت العين حتى انتابتني برودة غريبة لم تسمح لي بالاستمرار واضطرتني إلى سحبها، ليتدخل الصغار في تحد لذلك وإبراز أنهم أصبحوا يعيشون في المكان ومعه، يؤثرون فيه ويؤثر فيهم، لايهبونه ولا يهبونهم.
سألت أحد الصغار، الذي هو محمد فقلت له:
اشني سميت هاد العين السي محمد ؟ فأجاب " عين مخيارة"
واش تايجيلها بزاف البشر؟
قال بزاف، وعلاش حينت هي مزيونة.
فسألته: شكون اللي قال هاليكم؟
أجاب: الطبيب اللي جا الهنايا بلكنته الشمالية.
قلت له:
فين احنا السي محمد؟
فسبقه في ذلك الصغير "عمر "ليقول : "العلاوية" دوار 360، علت وجوهنا ضحكة عفوية ، ثم تدخل محمد ليصحح:
فدوار" العلاوايين"
بالموازاة مع ذلك، كان الصغار عمر ووئام وآية يملؤون قوارير الماء ويتراشقون بالمياه الباردة في زهو ونشاط وتعبير ضمني عن الذات الطفولية.
اخترنا أن نشرب القليل من الماء، ونتجاذب أطراف الحديث مع بعض من أهل الدوار الذين حجوا للمكان، وبالأخص " نايب الدوار" الذي يملك " سبسي طويل" رمز الشهامة والرجولة والمسؤولية بعد شاربه الكث".
حملنا الماء إلى داخل السيارة، ومنحنا الصغار حصتهم من المجهود الذي قاموا به، ثم عدنا أدرجنا بعد أن انبلج الليل وأرخى سدوله على المكان.
كل الصعوبات هانت من أجل "عين مخيارة" التي لا ينضب ماؤها، ومن أجل أناسها الطيبن الذين يعيشون في عالم آخر غير المكان السغلي الذي فيه رغد العيش وأناقة مصطنعة. أما الفوق فالجمال طبيعي لا تصنع فيه، رغم التناقض الصارخ فيه نتيجة وجود منجم كبير للإسمنت من شأنه تشغيل الكثيرين فيه، ووجود مروحات هوائية قيل إن لها منافع كثيرة.
26-09-2014
الفقير جمال